EgypToz: السينما و الحياة

Monday, March 12, 2007

السينما و الحياة

يوم الخميس الماضى كنت فى غايه الانزعاج عندما كنت اشاهد فيلم " بابل " فى سينما نايل سيتى حفله التاسعه مساء...القاعه كانت تمتلى خلال الفيلم ببعض الجمهور الذى كان يظن انه ذاهب للتسليه و قضاء وقت فراغه فى مشاهده فيلم من تمثيل براد بيت... و لا يوجد مانع لديهم فى اكل الفيشار و التكلم فى المحمول و الدردشه مع الاصدقاء...و بالرغم من ان سينما نايل سيتى من المفروض ان روادها من الطبقه العليا المثقفه...و لكنى شعرت بالتدنى الشديد فى التذوق السينمائى عند الجمهور المصرى...و لا استبعد ان ظاهره الافلام اللمباويه التافهه التى تجنى الملايين قد اثرت بالطبع على قدره المشاهد المصرى – و خاصه المثقف منه – فى ادراك الرؤيه الابداعيه التى يقدمها فيلم مثل بابل ... الكثير منهم لم يفهم الفيلم...أو بمعنى ادق لم يحاول ان يشعر بتفاصيله الجميله... فالسينما تفاعل بين ما يدور على الشاشه و ما يدور فى عقل و قلب المتفرج
و لن اخفى سعادتى عندما تناقشت مع اصدقائى عن الاحداث و المعانى العميقه بعد انتهاء الفيلم...لأنى احسست انى لست وحيدا فى عالمى السينمائى...و انه مازال هناك من لديه الحس الفنى الراقى... فالجمهور المصرى مظلوم...لأنه تعود ألا يفكر... فهو يعتقد أن الفيلم للتسليه فقط... نعم هناك افلام خفيفه جميله و مضحكه... و هذه الافلام لها وقتها طبعا... و لكن بدون الافلام الجاده و الممتعه يفقد الفيلم السينمائى دوره الفعال فى نشر الوعى الفكرى و الثقافه و التنوير... و من هنا تضيع قدره الفيلم فى نشر رساله محدده و التأثير و التغيير فى المجتمعات المختلفه... فى بعض الاحيان اتخيل ان نفسى الداخليه تعطى للموضوع اكثر من حجمه...و لهذا كتبت بعض ( و ليس كل ) ما دار فى زهنى اثناء مشاهدتى لفيلم " بابل" لكى ارى فى هذه الامثله كيفيه تقبلى و تحليلى للفيلم من منظورى الشخصى... او بمعنى آخر – كيف اشاهد الفيلم... لانى احسست الآن انى اشاهد الفيلم بطريقه معينه و معظم الجمهور المصرى يشاهده بطريقه اخرى تمام

انا فى السينما الآن اشاهد الفيلم و اتفاعل معه و اتحاور مع نفسى الداخليه فى نفس الوقت

____________________






الولد المغربى و عدم قدرته فى كتمان رغباته الجنسيه فى مشاهد تلصصه على الفتاه و هى تخلع ملابسها و فى مشهد اخر و هو يحاول ان يجد مكان ليمارس فيه العاده السريه و لكنه يفشل... توضح التأثير التدريجى لعائله تسكن فى مكان ضيق من الصعب فيه الدمج بين الخصوصيه و التمسك بالعادات و التقاليد

الفتاه اليابانيه تشعر بالوحده الشديده و نرى التحول التدريجى فى الفيلم من محاولتها المستمره فى الضحك ...و لكنها لم تكن تشعر بالفرحه فى داخلها... ثم تحولت الضحكه إلى ابتسامه فى منتصف الفيلم ثم إلى الحزن و البكاء فى اخر الفيلم

مشهد السائحه الامريكيه و هي ترمى الثلج من الكوب و تشرب المياه الغازيه الساخنه و تستخد م ادواتها الخاصه فى الاكل خوفا من الامراض... و فى منتصف الفيلم بعد اصابتها تتقبل استخدام السيجاره الخاصه من فم عجوز مغربيه

الولد المغربى يمسك بالسلاح و يحاول ان يحطمه على الصخره بعد ان يرى قتل الاخ توضح التأثير المباشر لحيازه السلاح على الفرد "فى حاله العائله المغربيه" و الغير مباشر على المجتمع كله بعد معرفه ما احدثه هذا السلاح على اشخاص من جنسيات مختلفه فى اماكن متفرقه من العالم

الكاميرا توضع مكان السلاح فنرى كأن هذا الجماد مجرم يحاول ان يختبىء من الاب المغربى

الحوار بين الشرطى فى القسم مع المربيه المكسيكيه بعد القبض عليها و قوله لها انها لا تعتبر مثل الام للأطفال الامريكان كانت كالصفعه فى وجه المربيه المكسيكيه... و اخبارها عن ترحيلها الى بلادها يوضح مشكله المهاجريين فى الولايات المتحده الامريكيه... و الحكم السريع على الاخر


الفتاه اليابانيه تريد ان تشعر بالحب من اى شخص ، بدايه من الاب ثم الاصدقاء ثم الاولاد فى الشارع ثم طبيب الاسنان ثم الشرطى و لكن لا احد يريد ان يعطيها الحب و الحنان فتقرر الانتحار و هى عاريه

نرى نعمه التخاطب و السمع عندما تشعر بالغضب الشديد و هي تلعب فى بطوله الكره الطائره عندما يظلمها الحكم فى نقطه من المباراه فتحاول ان تشرح له خطأه و لكنها تفشل لأنها لا تستطيع ان تعبر عن احساسها بدون كلام و يطردها الحكم

مشهد السياره التى يقودها الشاب المكسيكى مع المربيه و الاولاد فى الصحراء ليلا و المطارده يعبر عن عدم وجود رؤيه واضحه لحياه المهاجرين كما نراه فى مشهد القمر الذى يغلفه سحب سوداء

الفتاه اليابانيه تعتقد بعد فشل الحصول على الاهتمام من الاخريين بسبب مشكله الصم و البكم انها تستطيع ان تجذب الاخريين بالجنس فتنزل الشارع بفستان قصير جدا و بدون ان تلبس ملابسها الداخليه
القطه البيضاء فى الفيلم ترمز إلى الفتاه اليابانيه التى تحتاج إلى من يهتم بها

المشاهد يشعر ببلوغ ذروه الوحده و الاغتراب فى مشهد صاله الديسكو الممتلئه بالشباب و الموسيقى الصاخبه و فجأه لا نسمع شىء... و بعدها نسمع الموسيقى مره اخرى... و الفتاه تحاول بكل اسف ان تندمج مع رقص الشباب و الالوان الضوئيه و لكنها لا تشعر بالسعاده الحقيقيه لانها لا تعلم لماذا يرقصون... كما شعرت انا فى الفيلم... ثم تصاب بالاحباط عندما يختار الشاب "الذى كان يظهراعجابه بها من قبل" صديقتها و يرقص معها و يقبلها... تترك الديسكو... و تمشى الكاميرا بمنظورها فى الشارع و المئات من البشر بجوارها و لكن لا تشعر بهم لأن المشهد صامت بدون حياه... و تظهر مشكله الوحده عندما يصور المخرج مشهد عبور مئات البشر من فوق احد ناطحات السحاب

الحادث يقرب الزوجين بعد التفكير فى الافتراق فى اول الفيلم بسبب فقدانهما للطفل و نشعر بذلك فى مشهد مساعده الزوج لزوجته على التبول فى اناء ثم يقبلها بحب...وهنا ضحك الجمهور المصرى و لا اعرف لماذا

الكاميرا تصور من منظور الارض لكى نرى قوه اشعه الشمس فوق رأس المربيه المكسيكيه و مشهد امساكها بزجاجه مياه فارغه فى وسط الصحراء يظهر قمه العطش و رغبتها الشديده فى شرب قطره مياه

مشهد السائح و هو يحذر الزوج الامريكى الا يترك زوجته فى هذه القريه و حكى له أن فى مصر قطعوا رقبه 30 سائح المانى فى قريه مثلها و لكن الزوج الامريكى يصمم لأنه لا يحكم على الآخر قبل أن يعرفه اولا


اسلوب التخاطب بين الشرطى من اصل لاتينى و الشاب المكسيكى يدل على حساسيه موقف منع الشرطى لشخص من موطنه الاصلى فى عبور حدود الولايات المتحده الامريكيه

اسلوب لعب الاطفال الامريكان مع الاطفال المكسيكيين فى التراب و مشهد اعدام الشاب المكسيكى للدجاجه بقطع رقبتها امام فرحه الاطفال و رعب الطفل الامريكى يوضح اختلاف بيئه الاطفال بين البلدين

استخدام الشاب المكسيكى للسلاح فى الفرحه بالزواج و استخدام الاولاد المغاربه للسلاح فى اللعب و استخدام الشرطه للسلاح فى القتل و استخدام ام الفتاه اليابانيه للسلاح فى الانتحار

من اروع مشاهد الفيلم مشهد الطائره الهليكوبتر عندما يقرر الزوج ان يعطى نقود للمغربى الذى ساعده ولكنه يرفض فيقول له شكرا و يركب الطائره و كل اهل القريه ينظرون إلى البطل و البطله فى الطائره... و كيف ان مثل هذا الحادث اوجد مشاكل دبلوماسيه بين امريكا و المغرب... و المقطوعه التى تعزف فى هذا المشهد اكثر من رائعه جعلت عينى تمتلىء بالدموع ... ثم مشهد تحليقها فوق عاصمه المغرب عند وقت الغروب و هبوطها محاطه بوسائل الاعلام العالميه تنقل المشاهد من بيئه العزله و البساطه و الترابط إلى بيئه الضوضاء و الحداثه و التقدم عندما يشاهد الشرطىهذه الاحداث فى التلفاز فى اليابان

المخرج يترك بعض الالغاز فى الفيلم ... فلا نعرف ما الذى كتبته الفتاه اليابانيه فى الورقه للشرطى و لا نعرف ما حدث للشاب المكسيكى و لا نعرف ما حدث للاسره الامريكيه بعد الرجوع و رؤيه الاطفال

المقارنه بين اول و اخر مشهد فى الفيلم

اول مشهد
رجل من البدو...هدوء...وحيد فى الصحراء يمشى...محاط بالعائله...الوان دافئه...الفقر... بيت صغير بسيط...فى الصباح

اخر مشهد
الفتاه اليابانيه...ضوضاء لا تسمعه = هدوء...مع سكان بالملايين = وحيده ... الوان بارده... الغنى... مئات من ناطحات السحاب ...فى المساء

اسلوب المونتاج فى الفيلم فى طريقه اظهار الاحداث بترتيب غير متسلسل يوضح أن تراكمات الاحداث و اسبابه لا تفيد الاشخاص الذين يعيشون مع الحدث فى وقت حدوثه ... كما تعبر عن عدم معرفتنا بالاسباب الصغيره التى ادت الى حدوث المأساه فى مختلف البلدان... و بعد ان عاش المشاهد الاحداث كما عاشها الابطال فى الفيلم ادرك فى نهايه الفيلم ان ما حدث فى اليابان أدى إلى ما حدث فى المغرب و الذى أدى إلى ما حدث مع الامريكان و الذى أدى إلى ما حدث فى المكسيك و الذى أدى إلى ما حدث فى المغرب ثم فى نهايه الامر أدى إلى ما حدث فى اليابان... فنحن نعيش على كوكب واحد نؤثر فى بعضنا البعض بدون أن نعلم

و خرجت من الفيلم بهذه المعانى الجميله و منها
أن الانسان يجب ان يستغنى عن الاسلحه تماما لانها تدمر الانسانيه جسديا و نفسيا
اختلاف اللغه و التخاطب بين الشعوب يبعدنا عن انفسنا و يؤدى فى كثير من الاحيان إلى أن نسىء الظن بالآخر
مشكله اللاجئين فى أن كل انسان له الحق فى الحياه على هذا الكوكب فى اى بلد يريدها مادام يعمل فيها و يساعد على نهضته
ا

المعنى الحقيقى للعولمه
نحتاج الى التأمل فى ثقافات بعض حتى نفهم بعض و نقترب اكثر من بعض
لن نفهم الآخر إلا اذا تعايشنا معه فى بيئته
الحياة تعتبر مأساه إذا لم نتكاتف مع بعض فى حلها
التقدم العلمى يجب ان يكون بجانبه التقدم الانسانى و التراحم بين البشر
يجب ان نتوقف عن الكلام و نبدأ الاستماع و النظر إلى بعضنا البعض

و الدليل على عبقريه المخرج و الابطال و كل من عمل فى هذا الفيلم اننى شعرت بكل الاحاسيس التى يشعر بها الشخصيات... و كل
شخصيه فى الفيلم كانت تجسد الواقع...و أنا علمت انى اعيش داخل الفيلم عندما بكيت مع المربيه المكسيكيه و قلت لصاحبى فى مشهد الليل فى الصحراء : انا خائف...أنا اشعر بالرعب الشديد





____________________



وهناك شخص نسى ما دار فى الفيلم بعد الخروج من السينما و ذهب يشرب نسكافيه فى سيلانترو ثم ذهب الى البيت و اكل خبز بالجبنه ثم ذهب لينام و يبدأ يوم جديد فى الذهاب إلى العمل و استمرت الحياه بدون ان يتغير
و هناك شخص اخر تعلم من هذا الفيلم بعض الاشياء التى سوف تفيده فى موقف معين فى المستقبل

اتذكر عندما كنت اخرج اول فيلم قصير لى فى بدايه موجه الافلام المستقله فى مصر انى وجدت فى المسئولين عن شركه الانتاج نيه فى الاستمرار بانتاج افلام بسيطه لا تخرج عن المألوف أو المتعارف عليه... و الذى يعتمد بالقدر الاكبر على بساطه السيناريو و حرفيه الممثلين المبتدئين... قررت فى نهايه الامر ان انتج الفيلم بنفقاتى الخاصه لإيمانى الشديد بفكره الفيلم التى كنت اريد ان اوصلها للناس فى ذلك الوقت... و فى جلساتى مع الممثل الذى كان عليه ان يقوم بالدور الرئيسى فى الفيلم كنت اصدم دائما فى عدم رغبته فى الانغماس فى الشخصيه بالقدر الذى كنت اتمناه... و رفضه التام بتمثيل لقطات معينه فى الفيلم حتى لا يظهر بالمظهر الغريب امام جموع عامه الناس فى مكان من اكثر الاماكن ازدحاما فى مصر... و لكننى طبقت ما كنت اريد ان اظهره فى الفيلم و لم اغير رأيى... كان هذا الفيلم بالنسبه لى طريقه فى التعبير عما يدور داخلى و تفريغ لمشاعرى حتى اتخلص من شىء كان يؤرقنى فى ذلك الوقت... و اليوم اشعر بالارتياح بسبب ما احدثه اول تجاربى فى تغيير اشياء كثيره فى داخلى و انه كان من اهم الاسباب فى اكتشاف شىء معين فى ذاتى...وتيقنت ان السينما اصبحت جزء حيوى فى نفسى

والدى كان يقول لى دائما ان الحياه ليست فيلما... و انه يرى انى اعيش الحياه و كأنى فى فيلم خيالى... و كنت اريد ان اقول له ان بسبب مشاهدتى لكثير من الافلام تعرفت على معانى قيمه فى الحياه... ليست الافلام فقط و لكن الموسيقى و الفن التشكيلى و الاوبرا و المسرح و الكتب الروائيه و الشعر ايضا... و لا اخفى ان بعض هذه الافلام قد غيرت مسارات كثيره فى حياتى... و وجهات النظر التى كنت اتمسك بها من قبل... و من الفوائد ايضا فى مشاهدتى للافلام الجاده تعرفى على طباع البشر... سيكولوجيه الانسان فى المواقف المختلفه فى الحياه... فكر الآخر و كيفيه التعامل مع مجريات الحياه... و هنا كنت اريد ان اوضح له آن ذاك ان الفيلم يبرز الحياه لكى افهمها... فأنا اعيش الحياه و انا فيها... فلن افهمها إلا اذا خرجت من هذه الحياه... و نظرت لها من الخارج... و هذا ما يفعله المخرج و لكن من الناحيه الاخرى... فهو يقطع جزء من الحياه و يضعه لى على الشاشه لكى اراه برؤيتى الخاصه... مشاهدتى للافلام كانت لها دور فعال فى تركيب شخصيتى...و تكوين رأى و فلسفه خاصه بى اعيش بها حتى الآن... فأنا اعتبر نفسى ممثل فى سينما الحياه

2 comments:

Anonymous said...

ده انت مدهش
يا جمالك
سبحان مين ابدعك
عيني يا عيني
ايه ده كله
ده انت لقطة
مع تحياتي
د/شديد

Anonymous said...

3la fekra gamed awy ana 7atta mesh la2eya kelma to describe my feelings bs gamed gedan.